27 أبريل 2018

مقتطفات من مقابلة مريم رجوي مع صحيفة اليوم السابع المصرية

Catégories // المقابلات // نشاطات

مقتطفات من مقابلة مريم رجوي مع صحيفة اليوم السابع المصرية

كيف انضممت إلى مجاهدي خلق في زمن الشاه، وهل لشقيقك السيد، محمود تأثير على فكرك السياسي ورؤيتك الاستراتيجية لمعارضة الشاه في السبعينيات؟

إنى كنت في الوسط العائلى متأثرة بالدكتور محمد مصدق زعيم الحركة الوطنية الإيرانية. كنت أدرس في جامعة شريف الصناعية في طهران في سبعينيات القرن الماضى، وكانت الجامعة في ذلك الوقت، واحدة من المراكز السياسية التي كان فيها تعاطف كبير مع منظمة مجاهدي خلق. وفي هذه الأثناء، تأثرت بتضحيات حركات التحرير ضد ديكتاتورية الشاه، وخاصة مجاهدي خلق. عندما تم اعتقال شقيقى محمود من قبل سافاك الشاه لارتباطه بالمنظمة، فهذا الحادث حفزنى وحفّز عائلتي أكثر على النضال ضد النظام. وفي هذا الوقت نفسه، قتل نظام الشاه شقيقتي الكبرى نرجس. 

يخبرنا التاريخ بأن النظام الحالي بعد نجاح ثورة 1979 انقلب على كل داعميه ولذلك لجأ إلى تصفية واعتقال عدد من أفراد “مجاهدي خلق”، كما لجأ إلى تعذيب وإعدام شقيقتك السيدة معصومة وزوجها.. هل معنى هذا أن لديك ثأر شخصي مع النظام الحالي؟

لا، ليس لدى أي انتقام شخصي من هذا النظام. إن حركتنا تريد تخليص 80 مليون إيراني من أسر نظام أهلك الحرث والنسل في بلدنا، ولم يعدم النظام معصومة فقط، بل إنه أعدم مائة وعشرين ألف شخص، وجميعهم هم إخوانى وأخواتى وأولادي، بما في ذلك ثلاثين ألف سجين سياسي حيث تم إعدامهم في مجزرة  عام 1988، بفتوى من الخميني وكان أكثر من 90% منهم أعضاء مجاهدي خلق وأنصارها، إن أفراد عائلتي هم جزء صغير منهم، ودمائهم ليسوا أكثر احمرارا من دماء الشهداء الآخرين. إن نضالنا ليس نضالا انتقاميا، بل إنه مقاومة وطنية من أجل إنقاذ إيران والمنطقة من مخالب وحش الإرهاب الحاكم في إيران باسم الدين. 

 ما هي القواسم المشتركة بين الثورة ضد نظام الشاه وبين الانتفاضات الحالية.. وهل هناك مفارقات؟

كلاهما مناهض للديكتاتورية. وكلاهما يناديان بالحرية وإسقاط النظام الحاكم، واللاعب الرئيسي في كليهما هم الشباب. هناك جوانب متفاوتة كبيرة بين الانتفاضتين. نحن نواجه  نظاما اليوم أكثر إجراما من نظام الشاه مئة مرة.
في ثورة عام 1979 ولدت سلطة متطرفة دينية تحت اسم الإسلام في إيران، ولكنها خذلت في انتفاضات عام 2018.لم تكن ثورة 1979 منظمة. لكن الانتفاضة الحالية منظمّة إلى حد كبير من قبل المقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق. 

قمت بتأليف عدد من الكتب المتعلقة بالمرأة والإسلام منها “الإسلام والمرأة والمساواة” و”النساء قوة التغيير” و”النساء ضد التطرف”، وتعتبرين أول امرأة في تاريخ إيران السياسي بالكامل يتم انتخابها رئيسا من المعارضة وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.. ما دلالة ذلك من وجهة نظرك؟

بالنسبة لي، الكفاح ضد الاضطهاد وعدم المساواة بحق المرأة الإيرانية، والدفاع عن حقيقة الإسلام الذي رسالة الحرية والرحمة، ليس منفصلا عن النضال من أجل الحرية والديمقراطية في إيران.إن القمع، ومقارعة النساء، والدجل المذهبى، إلى جانب تصدير الإرهاب والتطرف إلى المنطقة، كلها تشكل عناصر استراتيجية لبقاء النظام، ومقاومتنا تقاوم وتناضل ضد النظام في الموضوعات نفسها بالضبط. بما يتعلق الأمر بالنساء فإننى أمثّل جيلا من النساء اللاتي قاومن نظام الملالي منذ اليوم الأول واعتُقلت وعُذّبت واُعدمت عشرات الآلاف منهن وقادت جزء كبير منهنّ المقاومة في مخيمي أشرف وليبرتي ضد النظام. المرأة الإيرانية رائدة في مقاومة نظام معاد لإيران ومعاد للإسلام والمرأة وها هي المرأة  التي أبرزت مرة أخرى في الانتفاضة الأخيرة ضد النظام الديني إرادتها لإسقاط هذا النظام. 

في عهد الرئيس الإيراني محمد خاتمى (1997 ـ 2005) نجح النظام الإيراني من خلال تفاهمات مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في إدراج المنظمة على قوائم الجماعات الإرهابية، وتحديدا في العام 2002م، قبل أن تتمكن المنظمة من رفع اسمها من هذه القوائم، بين عامي 2008 و2012 هل هذا يعني أن هناك علاقات سرية وقنوات اتصال غير معلنة بين طهران وواشنطن وطهران وبروكسل في العقود الماضية؟

كان النظام الإيراني في تلك الفترة، في تبادل مع العواصم الغربية على شكل اتصالات ولقاءات وتبادل الرسائل سواء سرا أو علنا، ولمرات عدة، على سبيل المثال، في ولاية جورج بوش الإبن، تفاوض الجانبان 28 مرة في العراق. وكان في الاجتماعات والتعاملات العلنية وغير العلنية، الطلب الأول والأهم للنظام الإيراني هو ممارسة الضغط وفرض القيود على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وحتى استرداد قادتهم. وكتبت صحيفة وول ستريت جورنال في 7 مايو، نقلا عن دبلوماسيين غربيين، أن أولوية النظام الإيراني في أي مفاوضات هي قمع مجاهدي خلق، واستمرت هذه المسألة حتى اليوم. وفي مطلع يناير من هذا العام، نقلت صحيفة لوفيجارو الفرنسية عن مسئولين في قصر الإليزيه قولهم إنه لم يكن هناك أي حوار بين النظامين الإيراني والفرنسي إلا وكانت قضية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية على طاولة المفاوضات. 
وعلى مر هذه السنين، كانت السياسة السائدة في الغرب استرضاء الدكتاتورية الحاكمة في إيران. وكان العنصر الأساسى في سياسة الاسترضاء، إدراج اسم المنظمة في قائمة الجماعات الإرهابية، ولعبت سياسة المهادنة والاسترضاء دورا هاما في الحفاظ على النظام وفتح نفوذه لإشعال الحروب والتدمير في الشرق الأوسط، ومع أن هذه السياسة فشلت اليوم، غير أن آثار هذه السياسة، لا سيما في أوروبا، مازالت تغذي ماكينة التطرف والإرهاب الخاص بملالي طهران. 

في العام 1987 دشنت المنظمة ذراعا مسلحة وهي “جيش التحرير الوطني الإيراني”، وقد قامت بعدد من العمليات النوعية في الداخل الإيراني، هل ما يزال هذا الجيش يقوم بأعماله حتى الآن؟ هل صحيح أن مقاتلى المنظمة تمكنوا من خلال معركة “الثريا” من السيطرة على عدد من البلدات منها “مهران” قبيل انتهاء حرب السنوات الثمان؟

في العام 1980 أدانت منظمة مجاهدي خلق بشدة احتلال العراق للأراضى الإيرانية وشاركت في صفوف مستقلة في الحرب ضد القوات العراقية، وفي هذه المعارك قتل عدد من أعضاء مجاهدي خلق ومؤيديهم، وتم أسر عدد منهم، وبقوا في مخيمات العراق حتى حلول عام 1990، حين تم تبادل الأسرى، لكن منذ حزيران 1982 عندما ترك الجنود العراقيين الأراضى الإيرانية، لم يعد يبقى دليل لاستمرار الحرب، ولكن الخميني أصرّ لمدة ستة أعوام على مواصلة الحرب. فيما رفعت المقاومة الإيرانية خلال هذه الفترة راية السلام، وفي مارس عام 1983 وافق المجلس الوطني المقاومة الإيرانية على خطة سلام في الحرب الإيرانية العراقية حيث أعلنت الحكومة العراقية رسميا أنها أساس مقبول لمفاوضات السلام، وأكثر من خمسة آلاف من الشخصيات والأحزاب الأوروبية والأمريكية أعلنت دعمها في بيان مشترك لخطة السلام التي قدمها المجلس الوطني للمقاومة. 
ولأن هذه الحرب كانت ضد مصالح الشعب الإيراني استطاعت المنظمة داخل البلاد شنّ حملة ضد الحرب الخيانية، وإفشال محاولات الملالي لتحشيد القوى لمواصلة الحرب، وبشكل متدرّج فقدت الحرب شرعيتها بين المواطنين الذين أرادوا عدم قتل أبنائهم في الحرب التي كانت تؤمن فقط مصالح الزمرة الحاكمة. وفي عام 1986، نقلت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية مقرها المركزي إلى العراق. وكان وجود مجاهدي خلق في العراق ضربة قوية لمحاولات الملالي المثيرة للحرب. لأنه أظهر للشعب الإيراني أن السلام في متناول اليد، وعلى العكس من ترويج النظام ليست هناك حاجة إلى حرب لزيارة مراقد الأئمة الشيعة في كربلاء والنجف. وفي وقت لاحق، تم تشكيل جيش التحرير الوطني الإيراني على الحدود الإيرانية العراقية، وكان جيشا مستقلا تماما عن العراق، وعندما قام هذا الجيش بتحرير مدينة مهران غربى إيران، وهزم فرقتين للنظام وأخذ 1500 أسير من قوات النظام وحصل على ما يعادل ملياري دولار من الغنائم الحربية من الأسلحة الثقيلة أو دمرها، أدرك الخميني أن استمرار الحرب يؤدى إلى إسقاطه، وبالنتيجة، وبعد أقل من أربعة أسابيع من تحرير مدينة مهران الحدودية، أعلن عن تجرعه كأس السم، حسب تعبيره. 
وبخصوص استقلال عمل مجاهدي خلق في العراق بين عام 1986، حيث انتقلت المنظمة إلى هذا البلد، حتى عام 2003، عندما احتلت الولايات المتحدة العراق، هناك قدر كبير من الأدلة تؤكد هذه الحقيقة. وقد أكد وفد انموفيك (الأمم المتحدة) الذي زار العراق في وقت لاحق وزار مقر منظمة مجاهدي خلق رسميا أن المواقع ليس تحت سيطرة العراقيين وتشبه المراكز الدبلوماسية في العراق. الجميع يعلم أن الفائز الرئيسي من الاحتلال الأمريكى للعراق كان ملالي إيران، وللأسف، وفي سياسة خاطئة تماما، فتح الأميركيون أبواب العراق على النظام الإيراني منذ عام 2003، وأرسل هذا النظام مئات الآلاف من مرتزقته إلى العراق وسرعان ما تحول البلد إلى ساحة لصولات وجولات قوات الحرس.وخلال هذه الفترة، لم يتمكن الملالي ووكالات الاستخبارات الخاصة لهم، ورغم أنه كانت لديهم جميع الوثائق المتعلقة بالحكومة السابقة في العراق، من العثور على ورقة ضدنا. 

انتقالا إلى السنوات الطويلة التي قضاها أعضاء المنظمة في معسكري “أشرف” و”ليبرتي” بالعراق.. كيف استطعتم العبور من هذه المرحلة الصعبة خاصة وأن العراق كان بيد الملالي ومن يعمل معهم؟

لمدة 10 سنوات في أشرف وأربع سنوات في مخيم ليبرتي، كانت مجاهدي خلق معرضة  لضغوط قاسية من قبل نظام ولاية الفقيه وأزلامه في العراق، وخاصة المالكى رئيس وزراء العراق العميل للنظام، بما في ذلك الحصار الطبي الطويل، والتعذيب النفسى بالصوت المدوّى لمدة 677 يوما مع 320 مكبرة صوت عملاقة تعمل على مدار الساعة، واغتيال العشرات من العراقيين من المتعاطفين مع مجاهدي خلق، والعديد من الهجمات باستخدام المدرّعات وعجلات هاموي على أشرف، وستة حملات قصف صاروخى على ليبرتي، والتي أسفرت في مجموعه عن استشهاد 141 من أعضاء مجاهدي خلق وإصابة ما يقرب من 1500 شخص منهم وفقدان 27 شخصا أرواحهم جراء الحصار الطبي بطريقة الموت البطيء.
هناك عوامل عدة ساهمت في إفشال المخططات العديدة للنظام للقضاء على هذه الحركة وهي:
تضحيات أعضاء مجاهدي خلق الذين قاوموا المضايقات والضغوط والهجمات من قبل العدو.
التلاحم والاتحاد الداخلى لهذه الحركة والحملة السياسية الضخمة التي قامت بها المنظمة على المستوى الدولى بمساعدة أبناء الجالية الإيرانية أنصار المنظمة في الدول الغربية حيث تمكنوا من كسب دعم برلمانات أوروبية والكونجرس الأمريكى ومؤسسات في الأمم المتحدة وجبهة واسعة من الحقوقيين والمحامين لصالح المقاومين في أشرف وليبرتي، وتوفير حماية دولية لهم.

 الموقع الرسمي لمجاهدي خلق والموقع الرسمي لكِ فضلا عن كل البيانات الرسمية عنكِ، يصدر باللغات الإنجليزية والفارسية والعربية والفرنسية فضلا عن اللغات الأخرى، ماذا يعني حرصكم على إصدار البيانات باللغة العربية؟ هل هذا يعنى استهدافكم للشعوب العربية ومحاولة استخلاص مواقف منها مناهضة للنظام الإيراني الحالي؟

إن إخواننا وأخواتنا العرب في جميع الدول العربية حلفاء شعبنا في النضال ضد نظام ولاية الفقيه، لأن هذا النظام هو العدو الرئيسي لجميع شعوب المنطقة. إنهم يعانون نفس المعاناة التي نحن نعاني منها. وفي البلدان العربية، دعم العديد من البرلمانيين والحقوقيين والطلاب وأساتذة الجامعات والمثقفين والكتّاب وبعض كبار المسؤولين الحكوميين مقاومتنا وهم أصدقاء لحركتنا. في المؤتمرات السنوية للمقاومة، تشارك عدة وفود من الدول العربية كل عام.  

بالحديث عن الانتفاضة التي نشبت في نهايات ديسمبر الماضي، في رؤيتك للأمور، ما سبب انفجار الشارع الإيراني ضد النظام، ولماذا طالب برحيل علي خامنئي وردد شعارات “الموت لخامنئي.. الموت للديكتاتور”؟

هذا الانفجار ناتج من تراكم كبير للغضب الشعبي: بطالة أكثر من 10 ملايين نسمة (أكثر من 40٪)، وحوالي 20 مليون نسمة يقطنون في عشوائيات المدن، وثلث السكان جياع، وأزمة المياه التي أجبرت بعض الناس على النزوح داخل البلاد (نازحي المياه)، والتناقض السكاني الحاد بالملايين بين النساء والشباب المثقفات والواعيات وبين الظروف التي فرضها عليهم الملالي حيث لم يتركوا لهم أي نصيب في السياسة والاقتصاد في البلاد، وأخيرا الغضب العام الناجم عن أجواء الكبت والخناق وعدم وجود حريات. هذه العوامل والعديد من العناصر الأخرى من العوامل الاجتماعية والاقتصادية للانتفاضة.وهناك عامل آخر هو تغيير الظروف الدولية، ومع انتهاء ولاية أوباما، انتهت سياسة مساومة أمريكا مع النظام. وكانت السياسة الأميركية بشكل عام وخاصة في السنوات الست عشرة الماضية، عملت بمثابة يد العون لخامنئي. لكن نظام ولاية الفقيه الآن فقد هذا الدعم.
 والعامل المهم الآخر هو دور مجاهدي خلق، خاصة بعد نقل واسع النطاق ومنظم من العراق. المنظمة وبتأسيسها معاقل للعصيان، تمكنت من لعب دور حاسم في إثارة وتوجيه وقيادة الانتفاضة. 

في أثناء الانتفاضة طلب الرئيس الإيراني حسن روحانى من السلطات الفرنسية اتخاذ إجراءات ضد أنشطة مجاهدي خلق لأنها “ضالعة في تفجير الأوضاع”.. ما تعقيبك على ذلك؟ وما هي دلالة الاعتراف الإيراني الرسمي بقدرة المنظمة على تحريك الشارع؟

هذه علامة دالة على مرحلة إسقاط نظام الملالي. وعادة ما يخفي الملالي الحاكمون كلما استطاعوا دور مجاهدي خلق وقاعدة هذه الحركة في قلب المجتمع الإيراني وينكرون ذلك، ولكنهم اضطروا إلى الاعتراف بذلك هذه المرة. لأنهم امتلكهم الذعر من دور المجاهدين في إثارة الانتفاضات وتوسيعها.
وكما أشرت ، كتبت صحيفة «فيغارو» الفرنسية في 4 يناير 2018: يقال في قصر الإليزيه” لم نجر أي محادثات مع المسئولين الإيرانيين، إلا وأن طرحوا فيها قضية مجاهدي خلق». 

في اجتماع مجلس الأمن الدولى لبحث الانتفاضة الإيرانية يوم 6 يناير الماضى امتنع أعضاء الاتحاد الأوروبي وفرنسا على سبيل التحديد، عن إصدار قرار يدين القمع الإيراني للمتظاهرين وقالوا إن “هذه المظاهرات لا تشكل تهديدا على السلم الدولي”، كيف تقيمين هذا الموقف؟

الأمر الذي يعد أمرا مهما هو عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولى لمناقشة انتفاضة إيران. وفي الحقيقة أن عقد هذه الجلسة كان الانجاز السياسي الذي حققته الانتفاضة وثمرة دماء العشرات من شهداء الانتفاضة وثمرة معاناة الآلاف من المواطنين الذين اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب. لأن هؤلاء هم الذين حولوا سحق حق الشعب الإيراني في اختيار حكمه من قبل نظام ولاية الفقيه، إلى ملف للمناقشة في مجلس الأمن الدولى، وذلك في الوقت الذي كانت قد غمضت فيه الدول الكبرى في العالم العين على هذا القمع الهمجى الذي يتعرض له ابناء شعبنا وعلى إعدام مائة وعشرين ألف من المجاهدين والمناضلين.. وفي الردّ على السؤال أنه لماذا تحفظّت بعض الدول الأوروبية من إصدار قرار ضد النظام فيعود السبب إلى المصالح التجارية فهي لا تريد أن تتدهور علاقاتها مع نظام الملالي. 

 في المظاهرات تركزت أغلب الشعارات الاحتجاجية على التنديد بسياسات طهران الخارجية ومنها مثلا “لاغزة ولا لبنان.. روحي فداء إيران” و”اترك سوريا وفكر فينا”.. في رأيك لماذا ركز المتظاهرون على انتقاد السياسات الخارجية، وهل ستؤدي تلك الشعارات إلى تغيير النظام من سياساته التدخلية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان على سبيل التحديد؟

بالنسبة للشعب الإيراني فان ذلك لا يعد أمرًا خارجيًا بل هو أمر داخلي. لقد ادرك الشعب بصورة جيدة بان تصدير التطرف الديني والإرهاب إلى الشرق الأوسط ومنه الحرب الإجرامية ضد الشعب السوري، عبارة عن جزء من عملية الحفاظ على النظام كى يبقى بمنأى عن خطر السقوط. لقد أكد خامنئي وقادة قوات الحرس مرارًا وتكرارًا بانهم إن لم يقاتلوا في سوريا والعراق فعليهم أن يجعلوا من طهران وسائر المدن الإيرانية، الخط الأمامى لهم. وهذا هو يعنى رسم خط المواجهة لانتفاضة الشعب الإيراني. إضافة إلى ذلك، ان الشعب بات يشاهد بانه وفي الوقت الذي سادت فيه حالة الفقر والمجاعة داخل البلاد كله فان خامنئي ينفق جزءًا كبيرًا من العائدات السنوية للبلاد على عمليات الدمار والحروب والمجازر بحق شعوب الشرق الأوسط. وحسب مشروع الموازنة العامة للعام الجديد، تم تخصيص ميزانية للشؤون العسكرية والأمنية وتصدير الإرهاب، قدرها 26،8 مليار دولار وهذه الميزانية هي غير 27،5 مليار دولار التي يتم تأمينها من العايدات المتعلقة بالمؤسسات الخاضعة لسيطرة الولى الفقيه وقوات الحرس من أجل تسديد التكاليف العسكرية. وبالإضافة إلى كل ذلك، لقد أمر خامنئي مؤخرا بتخصيص 2,5 مليار آخر من صندوق التنمية للتكاليف العسكرية.

  من الواضح أن الحرس الثوري والنظام تمكن من إخماد الانتفاضة، ولذلك نريد أن نعرف تقييمك لأسباب نجاح النظام في إعادة المتظاهرين إلى منازلهم؟ وهل تعتقدين أن تلك الانتفاضة قابلة للتكرار في وقت قريب؟

هذا ما يتحقق بصورة حتمية لان الموجبات التي اوجدت الإنتفاضة، قائمة بالوتيرة نفسها فالانتفاضات ستستعيد صخبها مرة أخرى. هذا وقد عمّت مئات من الإحتجاجات والإضرابات من قبل العمال والطلاب في أجزاء من المجتمع خلال الأسابيع الأخيرة. ان هذه الإحتجاجات تؤكد بان جدار الخوف في المجتمع الإيراني قد تصدّع وان المقوّمات لمواصلة الإنتفاضة موجودة فعلا. خاصة وانه لا توجد هناك حلول لدى الملالي الحاكمين لا في الساحة السياسية ولا في المجال الإقتصادى لحلحلة الأزمة القائمة. 

 مؤخرا عرضت فكرة الحكم الذاتي للشعوب غير الفارسية بإيران الآن كخطة عمل حال إسقاط النظام ونجاحك في الوصول إلى السلطة، وهو أحد الأسباب التي تجعل من خطابك السياسي مرفوضا لدى قطاعات كبيرة من القوميين الإيرانيين لأنهم يرون في مشروعك تفكيك للدولة وليس تجميعا لها من وجهة نظرهم.. ما مدى اتفاقك أو اختلافك مع هذا الطرح؟

استنادًا إلى البرنامج المقدم من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لمستقبل إيران تم التأكيد على ” الحكم الذاتى الهادف لإلغاء اللاضطهاد المزدوج المفروض على جميع المكونات والقوميات المختلفة في وطننا وتحقيق جميع الحقوق والحريات الثقافية والإجتماعية والسياسية لها ضمن إطار الوحدة والسيادة الوطنية ووحدة التراب غير قابل للتجزئة للبلاد”. وقد نشر هذا البرنامج عام 1981 وقد حظي منذ ذلك الوقت بتأييد مواطنينا دوما. ليست هناك جهة وما زالت سوى النظام الإيراني تتهم مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالانفصالية، وهو نظام أوقع أكبر الضربات على الوحدة الوطنية وتماسك المجتمع الإيراني. وفي المقابل تماما، لقد سالت دماء أعضاء مجاهدي خلق في جميع المحافظات الإيرانية وهم في رؤاهم وبرامجهم يبتغون توفير الحقوق لجميع مكونات المجتمع الإيراني ضمن إطار وحدة التراب غير قابل للتجزئة للبلاد فبذلك انهم ضمان لوحدة إيران وسيادتها الوطنية. 

 ما هي رؤيتك الاستراتيجية للعلاقات الإيرانية ـ العربية وخاصة العلاقات الإيرانية ـ المصرية حال نجاحك في إسقاط النظام واعتلاء قمة السلطة؟ وكيف تنظرين إلى السياسات المصرية الحالية تجاه إيران؟ ولماذا ترفض القاهرة حتى الآن تطبيع العلاقات مع طهران بالرغم من المحاولات الإيرانية المتواصلة لاستعادة العلاقات مع مصر؟

نحن سواء اليوم او غداة سقوط النظام نتطلع بكل تأكيد إلى علاقات الصداقة المسالمة الأخوية والتضامنية مع الجيران والشعوب والبلدان العربية.
من وجهة نظرنا ان التنمية في بلدان المنطقة مرهونة بالتلاحم بين جميع الأطراف وذلك بحاجة في خطوته الأولى إلى إسقاط نظام ولاية الفقيه. ومن الواضح بمكان بان لمصر موقع خاص في المنطقة وكذلك في العالم العربي. ان الابتعاد عن إقامة العلاقات مع نظام ولاية الفقيه، يعد توجها حكيما يؤمّن مصالح جميع دول المنطقة. مما يدعو إلى مطالبة جميع الدول المسلمة والعربية وسائر دول العالم ايضا بالابتعاد عن إقامة أي نوع من العلاقة مع هذا النظام الذي هو عدو لشعوب المنطقة ويعد خطرا رئيسا للسلام والأمن في العالم. ان دكتاتورية الإرهاب الحاكم بإسم الدين في إيران قد أغرق حتى الآن كل من سوريا والعراق واليمن ولبنان في دوامات من الدماء والدمار والتفتت، وإذا لم يكبح جماح هذه الدكتاتورية فانها ستجرّ سا‌ئر الدول في الشرق الأوسط والشمال الافريقي ايضا إلى مهلكة الحروب والدمار والخراب. 

يقال إن خامنئي زعيم النظام الحالي كان منذ عهد الخميني خلف المخططات الإرهابيه والاغتيالات خارج إيران، هل تويدون هذه المعلومات وماذا كانت الملابسات؟

نعم هذا صحيح. لقد كلف الخميني عام 1982 خامنئي بتشكيل العصابات الإرهابية في العراق كما وان خامنئي ذلك الوقت تولّى مسؤولية تشكيل عصابة حزب الشيطان الإرهابية في لبنان أيضا. وفي الوقت الحاضر ان جميع الجرائم الإرهابية التي تقترفها قوة القدس التابعة لقوات الحرس، وكذلك العمليات الحربية لقوات الحرس في سوريا فضلاً عن إدارة الجماعات الإرهابية والميليشيات التابعة للنظام في العراق ولبنان واليمن و… يجرى تخطيطها واتخاذ قرارها في مكتب خامنئي وتحت إشرافه بشكل مباشر.  

أنتم حركة مسلمة وأنت إمرأة مسلمة ومتحجبة فكيف بإمكانكم الدفاع عن فصل الدين عن الدولة؟

نحن نطالب بنظام جمهوري مبني على الفصل بين الدين والدولة. هذا هو مطلب الأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني ويريدون القضاء على الاستبداد الديني. وهذا ليس معناه اطلاقا عدم احترام الدين أو معاداة الدين، بالعكس هذا معناه أن كل شخص حرّ في اختيار دينه ومذهبه، وفي الوقت نفسه ليست هناك هيمنة لأي دين على الحكومة والدولة بشكل عام. وليس لأتباع أي دين امتياز خاص.. وتطبيقا لقرارات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية سيتم إلغائه جميع القوانين اللاإسلامية التي سنّها الملالي تحت اسم الإسلام. «ولا يحق لأي مواطن أن يتمتع بأي حق أو يحرم من أي حق بسبب اعتقاده أو عدم اعتقاده بدين أو مذهب خاص».
 وفي رأيي هذا هو الدين المحمدي الطاهر وما يقوله القرآن الكريم في آيتي « لا إكراه في الدين» و«كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله». 
ومن الواضح أن تبنى مثل هذا المشروع لا يمكن أن يكون ناجحا وفاعلا إلا إذا كان من قبل حركة متمسكة بالإسلام جذرياً وتحظى بتأييد اجتماعى قوى، لهذا السبب الإعلان عن هذه المبادرة من قبل مجاهدي خلق حظيت بإقبال جماهيري واسع. 
وبناءا على تقارير مسئولى النظام تم استهداف ستين مكتبا من مكاتب أ‌ئمة الجمعة في مختلف المدن خلال الانتفاضة وكذلك استهداف مظاهر الدجل الديني الخاص بالملالي، وهذا يشير إلى عزيمة الشعب الإيراني بإنهاء الاستبداد الديني في إيران. 
وما ننشده لمستقبل إيران مجتمع مبني على احترام حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة، ويتمتع فيه جميع آحاد الشعب من الفرص الاقتصادية المتكافئة، وإيران خالية من النووي تعيش مع جيرانها في سلام وتعايش أخوي، وتحقيق الحكم الذاتي لمختلف القوميات الإيرانية في إطار السيادة الوطنية الموحّدة، هذه بعض محاور خطوطنا العريضة للمستقبل. 
إن إسقاط نظام الملالي ضرورة لتخليص إيران من التخلف والفقر ولإنهاء جميع المظالم.

لقراءة النص الكامل للمقابلة انقر هن

https://bit.ly/2FnXi04

تابعونا

مريم رجوي

President-elect of the National Council of Resistance of Iran

رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفترة انتقال السلطة إلى الشعب الإيراني

المزید