28 يناير 2015

مؤتمر في المجلس الاوربي- استراسبورغ تحت شعار « أزمة الارهاب والتشدد»

Catégories // الاحداث // نشاطات

مؤتمر في المجلس الاوربي- استراسبورغ تحت شعار « أزمة الارهاب والتشدد»

أيها النواب المحترمون،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
رغم مضي ثلاثة أسابيع على مأساة السابع من يناير/كانون الثاني التي حلت بباريس مازال العالم مصدوماً ومتحيراً مما جرى من عمليات قتل استهدفت الصحفيين خلف طاولة عملهم وفتح النار على الأناس العزّل وقتل الجرحى وعملية احتجاز رهائن وإرهاب المواطنين وتبرير الجريمة ضد الإنسانية باسم الإسلام. وهذا ما جعل الضمير الإنساني الحي جريحاً والإسلام عنه براء ويكرهه. وهذا هو إرهاب وهمجية أسسها الخميني قبل سنوات بإصدار فتوى لقتل الكاتب سلمان رشدي وجميع مترجميه وناشري كتابه.

انها بربرية معروفة تجسدت على شكل حكم جاثم منذ 36 عاماً على جسد أبناء وطني وكبّل تحت يافطة الدين شعباً متعطشاً الى الحرية.
ان التطرف الإسلامي الذي أظهر لحظة من حياته الطبيعية في مجزرة السابع من يناير/ كانون الثاني بباريس يستدعي الدراسة من زوايا مختلفة، منها البيئة التأريخية لنشأته وعوامله السايكولوجية التي تسببت في استمرارية هذه الظاهرة والسياسات الدولية التي ساهمت في توسيع نطاق هذه القوة المُدمّرة وطبيعتها وخصائصها وتعارضها الأساسي مع الإسلام والعديد من الجوانب الأخرى.
ولكن وبما أن الواقعة الأخيرة قد دفعت الكثير حقاً الى التوصل الى نتيجة أن الوسائل الحالية لمواجهة التطرف قد أعطت نتائج معكوسة، فاسمحوا لي أن أناقش في هذه الجلسة بشأن استراتيجية صحيحة وظافرة في أمر محاربة التطرف الاسلامي.
بداية لابد من التذكير بأن هذه المناقشة هي تتجاوز مناقشة نظرية كونها هي حصيلة تجربة طويلة ومضرجة بالدم خاضتها المقاومة بوجه الفاشية الدينية الحاكمة في ايران.
في عام 1993 وفي كتاب تحت عنوان «التطرف الاسلامي: الخطر العالمي الجديد» أظهرت المقاومة الايرانية بوضوح كيف اندفع نظام الملالي الحاكمين في ايران وبعد تلقيهم الهزيمة في الحرب الثماني سنوات مع العراق لبسط التطرف الاسلامي في المنطقة بدءا من القوقاز وأسيا الوسطى والى الشرق الأوسط وحتى شمال افريقيا فنظموا كل كيانهم لممارسة القمع في الداخل وتصدير الإرهاب الى الخارج.
وفي عام 1995 اني حذرت شخصياً في خلال كلمة أدليت بها في بلدية اسلو في النرويج من خطر التطرف الإسلامي المتنامي الموجه من قبل الملالي الحاكمين في طهران ودعوت الى تشكيل جبهة دولية ضده.
في حينه لم تول مع الأسف لا الحكومات ولا البنوك الفكرية والمثقفون اهتماماً بهذه التوعية التي كانت هي حصيلة مواجهة الشعب الايراني مع الاستبداد الديني.
معذلك، مازال المجال مفتوحاً أمام المجتمع الدولي للاعتبار من التجارب المُرّة التي شهدتها هذه الفترة لاعتماد مشوار صحيح.
ولهذه الغاية اني أحاول أن أناقش أربعة مواضيع:
الموضوع الأول هو أن التطرف الإسلامي سواء في ذاته أو في عمله السياسي اليومي يُعد حرباً متنامية ضد المجتمع الانساني الذي يحدد مصير هذه القوة المتخلفة.
الموضوع الثاني هو أن نشأة ونمو المجموعات المتطرفة ليست نابعة عن حركة عشوائية وانما منبثقة عن محور ورأس يقودها يتمثل في النظام الحاكم في ايران.
والثالث أن التطرف الإسلامي هو ايديولوجية سامة منسجمة لا يختلف فيها نوعها الشيعي عن السني كونه معيار التوحش وخطر المتطرفين ليس الادعاء عن أتباع الشيعة أو السنة وانما الانتماء لمصدر التطرف في طهران.
والرابع أن قطع دابر النظام الايراني في العراق وسوريا أهم حلقة في استراتيجية النصر.

حرب الوجود واللاوجود
بداية لابد من الانتباه الى واقع حرب مشؤومة. هناك في ايران الرازحة تحت حكم فاشي ديني، يتعرض مجتمعنا لانتهاكات وحشية يومية في مجال حقوق الانسان منها 1200 حالة إعدام في عهد روحاني. كما في العراق هناك همجية غاشمة يمارسها تنظيم داعش من جهة وعملية تطهير قومي وعملية جينوسايد تمارسها الميليشيات التابعة للحكومة الايرانية من جهة أخرى كما في سوريا تخلق المجازر المتتالية والدمار الذي تلحقه ديكتاتورية بشار الأسد كوارث كل يوم فضلا عن أحداث مثل قتل الصحفيين في باريس وقتل طلاب المدارس في باكستان وحرق مدينة كاملة في نيجيريا كلها تشكل وجوها لحرب واحدة وهي حرب التطرف الإسلامي ضد البشرية جمعاء.
من الخطأ اذا اعتقدنا أن قتل أكثر من 200 ألف سوري فيحل بهذا البلد الدمار والمصيبة فقط ، كلا ليس الأمر هكذا كوننا نرى أمام أعيننا أن نار هذه الحرب تمتد الى كل مكان، من ايران الى العراق ومنه الى سوريا ولبنان وفلسطين ثم اليمن والدول الأخرى بحيث تنتشر الى قلب اوربا.
ان هذا الاعتداء هو في واقع الأمر اعتداء لقوة لا ترى لنفسها حياة ومستقبلا في هذا العصر ولهذا السبب انها توجهت الى حرب مصيرية. وتكتيكها المحوري هو ارتكاب جرائم ضد الانسانية بلاهوادة، بدءا من مجزرة 30 ألف سجين سياسي ورش الأسيد على أعين ووجوه النساء في ايران الى ذبح الرعايا الغربيين في العراق والترحيل القسري للمسيحيين وقتل الصحفيين في فرنسا. ولاتقبل أي هدنة أو تقييد وتخفيف واعتدال، كون حياتها معرضة للخطر وطالما تتواجد وهي ناشطة فانها تواصل الحرب وتواصل توسيع نطاقها.

رفض فكرة ظهور عفوي
ولم تتأتى هذه الظاهرة صدفة مع كل مراوغاتها وقسوتها ولم تتسع عفوية. وانما تمكن التطرف الاسلامي من التحول الى خطر كوني في ظل وجود ارهاب حكومي يتمثل في نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران. ولو لم يكن هذا الحكم في ايران لما كانت التيارات المتخلفة تجد لنفسها هكذا طاقة وأفقا منظورا لتظهر كقوة سياسية عبثية. وهذا هو أهم واقع بشأن التطرف الإسلامي.
في دستور النظام الايراني تم التأكيد على تصدير التطرف تحت عنوان «الحماية الكاملة لمستضعفي العالم» أي «وحدة العالم الاسلامي» وجاء هذا التأكيد في بنود (3و11و154).
وفي وصيته طلب الخميني مؤسس الديكتاتورية الدينية الاطاحة بحكومات جميع الدول الاسلامية وطرد قادتهم وتأسيس «حكومة إسلامية بجمهوريات حرة ومستقلة». كما أن الخامنئي الزعيم الحالي لهذا النظام قدم نفسه مرجعا للشيعة خارج ايران مما ينم عن الأطماع التوسعية لهذه الحكومة تجاه الدول الأخرى.
قوة القدس الإرهابية التي تأسست قبل ربع قرن هي الأداة العاملة لسياسة تصدير التطرف. وخصص كل فيلق من فيالقها التسعة بلدا أو منطقة محددة هدفاً له.
وطبعاً أن الحقائق على الأرض هي خير دليل على ذلك:
– مجموعات الميليشيات في العراق وباعتبارها زميلة لداعش والتي –حسب قول مسؤولين رسميين أكراد عراقيين أسوأ من داعش – تمارس جرائم ضد الانسانية يتم قيادتها من طهران.
– مجموعة حزب الشيطان في لبنان تابعة لقوة القدس وأن الخامنئي هو شخصيا يمسك بزمام أمورها من حيث النفقات والسياسات.
– مجموعة الحوثيين في اليمن واثارتها الحروب للاستيلاء على البلاد بكاملها يقودها النظام الايراني.
– أعمال المجازر وحرب الابادة ضد الشعب السوري لإبقاء بشار الأسد تمارس أساساً تحت قيادة قوات الحرس الايراني. وتؤكد مصادر دولية أن النظام الإيراني يُنفق شهريا مبلغاً يتراوح بين مليار و ملياري دولار لبقاء الحكم في سوريا.
– في سبتمبر/ايلول 2014 قال عضو في برلمان الملالي: «في الوقت الحاضر هناك 3 عواصم عربية في قبضة ايران وصنعاء ستكون العاصمة الرابعة… إننا نعمل على توحيد الدول الإسلامية».
– وفقاً لتحقيقات استغرقت 6 سنوات انتشرت نتيجتها في يناير/ كانون الثاني 2013 في صحيفة نيويورك تايمز فان اقتفاء أثر كل خرطوشة اُستهلكت في الحروب التي دارت في افريقيا يهديك الى ايران.
– وقبل اسبوع أعلنت مؤسسة للأبحاث في شؤون السلاح العسكري في بريطانيا في تقرير لها أنها تمتلك أدلة تؤكد ارسال ايران أسلحة الى الميليشيات المسلمة في دول افريقيا الوسطى.
الحاصل أن محور التطرف الإسلامي هو نظام الملالي الحاكمين في ايران سواء من حيث الايديولوجي والسياسي أو من حيث التمويل والتسليح والمواد اللوجستية.
من الواضح أن مجموعات من أمثال داعش يختلف ارتباطها عن أمثال حزب الشيطان اللبناني أو بدر والعصائب والكتائب في العراق مع النظام الايراني وليس لها تعاملات علنية مع النظام الايراني. اذن كيف يمكن اعتبار هذه المجموعة وهمجيتها نتيجة دعم ملالي ايران للتطرف؟
الجواب : بعيداً عن أي ارتباط سياسي أو واقعي معين بين هكذا مجموعات وبين النظام الايراني، الأمر الذي يشكل أهمية حاسمة هو وجود سلطة متطرفة حاكمة (أي نظام ولاية الفقيه) حيث يمثل قدوة ومصدرا للإلهام لنشأة وتكوين كل التنظيمات والخلايا المتطرفة. بدون هكذا حكومة لم يكن يتسنى مناخ فكري وايديولوجي وسياسي وقاعدة رئيسية ومحورية أساسية لنشأة وتوسيع هذه المجموعات.
– ولو أن النظام الايراني لم يبخل في كثير من المقاطع الزمنية طيلة العقدين الماضيين عن تقديم المساعدات المالية والتسليحية والأهم من كل ذلك فتح الطريق أمام داعش والقاعدة.
– الكثير من العناصر الكبار لهذه المجموعات في سوريا والعراق كان لهم مأوى في ايران لسنوات عديدة.
فضلا عن،
– لو لم تكن ممارسات القمع القاسية التي استهدفت السنة في العراق من قبل الحكومة الصنيعة على يد الملالي وتهميشهم لما كانت تتوفر الأرضية لنمو داعش.
– لو لم تكن المجازر البشعة بحق السوريين على أيدي القوات المؤتمرة بإمرة قوات الحرس الايراني، لما كان بامكان داعش أن يتكون في سوريا.
– ولو لم تكن عمليات الابادة والتطهير القومي من قبل الميليشيات المنتمية للنظام الايراني في تطورات الأشهر القليلة الماضية في العراق، لكان بالإمكان تحشيد السنة في العراق ولكان طريق التغلب على أزمة داعش قد فـُتح.
نعرف أن الحكومة الحليفة للملالي أي حكومة بشار الأسد هي التي فتحت الطريق بشكل غير مباشر لتكوين ونمو هذه المجموعة في سوريا. ومثلما أكد لوران فابيوس مؤخرا في مجلس الشيوخ الفرنسي: ان ايران هي التي توصل «المعدات الحربية» لعمليات الإبادة وطبعا المال والقوة العاملة لبشار الأسد.
كما وفي تحالف عملي غير مكتوب بين هذه المجموعة ونظام بشار الأسد، فتم قتل عدة آلاف من أعضاء المعارضة الديمقراطية السورية على يد هذه المجموعة خلال العام الماضي.
الواقع أن الملالي الحاكمين في ايران يربحون بشكل مباشر وغير مباشر من أي عمل ارهابي واجرامي يحمل يافطة التطرف الاسلامي. من المجازر التي شهدتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي وحتى التفجيرات المروعة في العراق خلال العقد الماضي وفي كل هذه المحطات يرى الملالي تقدمهم هناك.
كما وكلما يتم التغليب على التطرف المغطى بالاسلام كلما يشعر النظام الايراني بالخسارة.
وفي مطلع هذا الشهر، جعل النظام الايراني مذبحة الصحفيين في مجلة بباريس مادة للابتزاز حيث بدأ قادة هذا النظام وفي مقام المتحدثين والناقلين لرسالة هذه الجريمة بتهديد فرنسا بأنه اذا لا تغيّر فرنسا سياستها في سوريا ولا تدعم بشار الأسد فان هذه المذابح ستتواصل.

الميليشيات الشيعة ، الخطر الرئيسي وأهم آلة للإرهاب والتطرف
هناك مسألة مهمة أخرى ضرورية في اعتماد مسار صحيح لمحاربة التطرف وهي فضح النظرية الهشة التي تروجها الأطراف التي تعتمد خط المساومة والمهادنة مع النظام الايراني والتي تقول ان التطرف السني هو الأخطر من التطرف الشيعي ويمكن الاعتماد على الثاني لمحاربة الأول ولذلك يستنتجون بأنه يجب اضعاف التطرف السني لصالح التطرف الشيعي.
فهذه النظرية السخيفة تتأتى لتمييع قباحة المهادنة والمساومة مع الميليشيات المسماة بالشيعة والمنتمية للنظام الايراني وغض الطرف عن سيطرة الملالي المدمرة على دول في المنطقة. انها نفس السياسة الاستجارة من الرمضاء بالنار. انها جزء من نظرية السياسة التي قاد بعض رجال السياسة من الأمريكيين والغربيين بها العالم الى المأساة الراهنة.
بينما:
اولا – صحيح أن الشيعة والسنة يختلفان على جزء محدود من التعاليم الاسلامية ولكل واحد منهما رؤية مختلفة، الا أن ما يصدر من هذين المذهبين على نمط التطرف فلا فرق بينهما في الأساس بحيث كلاهما يتفق على مقارعة النساء والتمييز الديني. وكلاهما يفرض الدين والعقيدة قسوة وعنوة خلافاً للنص الصريح لكتاب الله المجيد وكلاهما يستخدم أعنف العقوبات اللاانسانية العائدة الى قوانين الأزمان الغابرة تحت عنوان الشريعة وكلاهما يسعى لإقامة نوع من الخلافة الرجعية أي استبداد فردي بغيض، سماها أحدهما ولاية الفقيه والثاني يسميه «الخليفة». لا خافي على أحد أن مؤسس النظام الايراني الخميني قد أكد في كلمة علنية أطلقها قبل ثلاثة عقود وبصريح العبارة : «اننا نريد خليفة يقطع الأيدي ويمارس الحد والرجم».
ثانيا – انظروا الى المشهد العراقي! وأمعنوا النظر في ما يجري يوميا هناك فترون أن الميليشيات المسماة بشيعة الملالي وكونهم مسنودون بالفاشية الدينية مصاصة الدماء يعملون أكثر وحشية كما وانهم يشكلون خطرا أكبر على كيان العراق.
الواقع أن الملالي وبهذه الميليشيات المسماة بالشيعة قد حولوا أربع دول عربية الى ساحة مستباحة لهم لأعمال الارهاب والتدمير.
أؤكد أن التطرف الاسلامي لا يمت لحقيقة الشيعة والسنة بصلة. التطرف هو نظرية منحرفة عن الاسلام وبما أنه يحكم اليوم في ايران فان الميليشيات المنسوبة الى الشيعة فهم أخطر بمئة مرة. ان روح الاسلام والشيعة وقادتهم براء من هذه الظاهرة المشؤومة.

تصدير التطرف حاجة حيوية لنظام الملالي
لماذا الملالي هم بحاجة الى اثارة الحروب والارهاب وخلق الأزمات خارج الحدود؟ لنفس السبب الذي هم بحاجة الى القمع داخل المجتمع الايراني. السبب الرئيسي يعود الى الضعف الجوهري الذي ينتاب النظام وفقدان القاعدة الجماهيرية وغياب المشروعية السياسية والمعنوية وعدم التجانس الأساسي لهذا النظام الفاسد المتخلف الرجعي مع متطلبات المجتمع الايراني المتقدمة المتمثلة في الحرية والديمقراطية. وهذه هي حقيقة تجعل نظام الملالي دوما في حالة من عدم الاستقرار وحالة واهنة أمام شارع ضاق ذرعه.
ومثلما قال قائد المقاومة مسعود رجوي: «نظام ولاية الفقيه بذل كل مساعيه طيلة ثلاثة عقود مضت ليملأ الهوة التاريخية السحيقة بين القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين والقرون الوسطى وابقاء حكم الملالي بالمشانق والإعدام وإثارة الحروب وتصدير الأزمات والرجعية والإرهاب ولكنه معذلك فلا يرى الاستقرار».
ان غاية الملالي من تصدير الحرب والارهاب وتحت يافطة الاسلام الى خارج الحدود هي الاحتفاظ بالسلطة في طهران. وأوضح هذه الحقيقة سكرتير المجلس الأعلى لأمن النظام شمخاني في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2014 عندما قتل أحد كبار قادة قوة القدس في العراق. وقال شمخاني في مراسيم التشييع: «مروجو الاشاعات الذين في قلوبهم مرض يسألون لماذا نحن نتدخل في العراق وسوريا؟ الجواب واضح اذا لم يمنح (قادتنا) دمائهم في العراق فعلينا أن نقدم الدماء في طهران وأذربايجان وشيراز واصفهان». وأكد شمخاني: «قبل أن ندفع نحن الدماء في طهران يجب الدفاع في العراق وتقديم دماء».
أجل، هذا هو كل المسألة. التطرف الاسلامي في ايران مني بالفشل. الملالي وبإرهابهم واثارتهم الحروب خارج ايران يسعون لادامة الاستبداد ومقارعة النساء والتمييز الديني أي لحفظ سلطتهم الخائرة.

استراتيجية محكوم عليها بالفشل واستراتيجية النصر
هناك عاملان أساسيان يشكلان استراتيجية الهزيمة: ابداء الحكومات الغربية الضعف أمام برنامج النظام الإيراني لإنتاج القنبلة النووية والآخر إشراك هذا النظام في التحالف الدولي ضد داعش وإدخاله في العراق وسوريا.
لماذا تشكل المساومة مع البرنامج النووي لهذا النظام أمرا خطيرا؟ كون ذلك يعطي السلاح النووي بيد فاشية دينية هي مصدر لزعزعة الاستقرار في المنطقة والداعم الرئيسي للإرهاب.
لماذا إشراك النظام في العراق أمر خطير؟ لأن ذلك يفتح الباب على مصراعية آمام القوة الارهابية وفيلق القدس لهذا النظام ليصول ويجول ويعتدي ويُدخل بسائر دول المنطقة في النار ويضرجهم بالدماء.
اني كنت قد حذرت بعد عام من الهجوم الأمريكي على العراق من أن خطر تدخل النظام الايراني هو أخطر من تهديده النووي بمئة مرة. والآن أكرر التحذير وأكرر ان إشراك الملالي في العراق سيعطيهم سلاحاً مدمراً سيكون أخطر بمئة مرة من السلاح النووي.
وهناك بعض السياسيين يتعمدون بسذاجة في قبول مواكبة هذا النظام وإشراكه في العراق ليحفزونه على التخلي عن السلاح النووي، بينما عندما أصبح الملالي في العراق منفلتين فهم لن يتخلوا عن القنبلة النووية أيضا.
كما هناك البعض الآخر يؤكدون أن عدم إشراك الملالي في العراق وقطع أيديهم من البلاد يسبب في اثارة الحروب. وهذا رأي إما قائم على خطأ كبير أو خيانة متعمدة. كونه في الدرجة الأساس فان أهم عامل يؤدي الى الحرب هو آلية التدخل والارهاب وهذا ما يحصل الملالي عليه من خلال إسهامهم في العراق.
يا ترى النظام النازي الذي اندفع الى الحرب عشية الحرب العالمية الثانية، هل تسبب إعطاء المزيد من المناطق والسلطة له في التوصل الى سلام أم الى اثارة الحرب؟
ويا ترى في عام 2003 حيث هاجمت أمريكا العراق، فهل أدى إشراك نظام الملالي في العراق الى استتباب الاستقرار والأمن والتطور في العراق أم جعل العراق منصة للإرهاب والتطرف الموجه من طهران؟
لاحظوا لو لم تكن حكومة صنيعة من قبل النظام الايراني في العراق، لما تكونت مجموعة داعش في العراق اطلاقا.
وقال الرئيس الفرنسي هولاند مؤخرا انه لو كانت الحكومات الغربية قد أبدت «الرد في حينه» في عام 2013 لمنع ابادة المدنيين في سوريا، لما كان المتشددون يتوسعون.
نعم. بدلا من الرد في حينه، ما يحصل على العموم فهو الإهمال والصمت غير المناسب.
ولو لم يلعب الغرب دورالمراقب المتفرج أثناء انتفاضة الشعب العراقي في ست محافظات في آواخر عام 2012 ولو لم يكن الغرب يصمت على جرائم المالكي ولو كان يدعم أبناء السنة في العراق منهم أهالي ديالى عندما انتفضت الجماهير وأبناء العشائر في الأنبار في أواخر 2013 حيث حرروا محافظتهم من سلطة المالكي ، ولو لم يكن الغرب يبدي المرونة المستمرة والضعف مقابل تدخلات وارهاب النظام الايراني ومحاولاته لاثارة الحروب في العراق وسوريا، لما كان حينئذ يتمهد الطريق أمام تغليب داعش لا في الموصل ولا في أي موقع آخر ولما كان يتسلط أشرس المتطرفين سواء تحت يافطة الشيعة أو السنة على رقاب شعوب المنطقة ولما كانت تمتد وحشيتهم حتى شوارع باريس.
والآن نعود الى السؤال الرئيسي ما هي الاستراتيجية المنتصرة بوجه التطرف الاسلامي؟
من الواضح أنه اذا اقتصرت هذه الاستراتيجية على التعبئة العسكرية والاستخبارية فلن ترى النور. بل يجب معرفة من هو العدو الرئيسي؟ وأين مركزه القيادي؟ وما هي أفكاره وما هو نقيضه؟ يجب التأكيد أن نظام ولاية الفقيه طالما لا يتم التعامل معه باعتباره زعامة التطرف الاسلامي والعدو الرئيسي للسلام والأمن للمجتمع الانساني، فلن تكون هناك استراتيجة منتصرة. أي محاربة تجري دون النظر الى الجذر والمصدر الرئيسي للتطرف فهي تنتهي فقط الى تشذيب فروع هذه الشجرة الخبيثة بينما تبقى جذورها وساقها قائمة. ولهذا السبب ورغم جميع التحشيدات بعد 11 سبتمبر/ ايلول فان التطرف والارهاب قد انتعشا بدلا من الزوال.
اذن وعلى هذا الأساس اسمحوا لي أن ألخص الجواب في عدة نقاط:
أولا – ضرورة قطع دابر النظام الايراني في سوريا ومساعدة الشعب السوري لإسقاط الأسد.
السياسة الحالية التي تنتهجها أمريكا هي سياسة غض الطرف عن ديكتاتورية بشار الأسد وهي تحارب داعش في سوريا فقط. انها سياسة ليس لا تحل مشكلة فحسب وانما تجعل التطرف يستفحل. بدون اسقاط الأسد فان محاربة داعش يمكن اضعاف هذه المجموعة في سوريا الا أن ذلك سيقوي النزعة التطرفية في كل العالم. لذلك فأول محطة مهمة لهزيمة التطرف في العالم اليوم هي اسقاط بشار الأسد.
ثانيا – ضرورة قطع دابر النظام الايراني وقوة القدس والميليشيات المسماة بالشيعة المنتمية لها في العراق.
الكل يعرف أن الحكومة الايرانية والمجموعات الميليشياوية التابعة لها تسيطر في الوقت الحاضر على مساحات كبيرة من العراق. فان همجية وأفاعيل هذه المجموعات لا تقل عن ممارسات داعش ان لم تكن أكثر.
فبدون اجتثاث النظام الايراني وميليشياته في العراق فان محاربة داعش حتى وإن أدى الى اضعاف التنظيم في العراق فان ذلك سيوسع هذه الظاهرة على المستوى الدولي.
ثالثا – التأكيد على قراءة ديمقراطية ومتسامحة عن الاسلام مقابل القراءات التطرفية سواء من الشيعة أو السنة. تلك القراءات التي كان مجاهدو خلق ومازالوا يحملون رايتها ولعبوا دورا كبيرا في هزيمة التطرف على الصعيد الاجتماعي والفكري داخل ايران. وبالنتيجة فان النظام الايراني يحكم داخل البلاد ليس بالاعتماد على معتقدات الشعب وانما بالاعتماد على النار والحديد كما يمرر سياساته الخبيثة خارج ايران مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن في غياب اسلام بديل عبر تضليل الشعب المسلم والتلاعب بمعتقداتهم.
رابعا – الحل النهائي يكمن في اسقاط النظام الايراني باعتباره المصدر الرئيسي للتطرف والارهاب حيث وباسقاطه لن تكون لا القاعدة ولا داعش ولا حزب الله ولا الحوثيين خطرا داهما على السلام والديمقراطية وسوف يفقدون سطوتهم وقوتهم وسيتحولون الى جماعات منعزلة في أحسن حال. نعم. مقابل هذه القوة العبثية التي رأسها يعيش في طهران، يجب أن يحترم المجتمع الدولي نضال الشعب الايراني والبديل الديمقراطي لهذا النظام المتمثل في المقاومة الايرانية. الحل يكمن في الاعتراف بإرادة الشعب الايراني لتغيير النظام بدلا من المساومة مع الملالي.

أيها الحضور الكرام،
ان السبب الرئيسي لتركيز الملالي على القضاء أو إجلاء مجاهدي درب الحرية من أشرف وليبرتي يعود الى احساسهم بالخطر منهم باعتبارهم البديل الوحيد للفاشية الدينية. ولكن مع الأسف ضحت الحكومات الغربية خلال هذه السنوات بحقوق الانسان والحريات والمقاومة الايرانية بدلا من تكريس جهودها على الخطر الرئيسي الذي يهدد السلام والأمن العالميين والذي تمثله الفاشية الدينية الحاكمة في ايران. وهذا كان انحرافا كارثيا عن محاربة الإرهاب والتطرف.
لا ننسى أنهم قد كبّلوا جهود المقاومة الايرانية لمدة 14 عاما بفتح ملف قضائي يقع في مئات الآلاف من الأوراق ضد المقاومة الايرانية هنا في فرنسا. بينما في الوقت ذاته كان الارهابيون والمتطرفون في حال النشوء والنمو باستغلال تغافل المؤسسات المعنية.
والمثال المهم الآخر هو التعامل الأمريكي والاتحاد الاوربي والأمم المتحدة مع مجاهدي درب الحرية في أشرف وليبرتي.
هذه الأطراف ومن أجل إرضاء الملالي لزموا الصمت تجاه التشريد القسري للأشرفيين وتحويل ليبرتي الى السجن والحصار اللاانساني المفروض على المخيم و6 مجازر استهدفت الأشرفيين.
قبل عامين قلت هنا : «عندما تلزم الحكومات الغربية الصمت تجاه مذبحة أعضاء المعارضة فانهم يذبحون مصير المنطقة».
يا ترى ما الذي نتج عن هذا الصمت سوى أن جعل الملالي يتشجعون في البقاء في العراق وفي اصرارهم على صناعة القنبلة النووية؟
وبهذه المناسبة إني أدعوكم أنتم النواب والشخصيات الأفاضل للدول الأعضاء في الجمعية البرلمانية للمجلس الاوربي الى مبادرة مؤثرة لوضع حد للحصار التعسفي المفروض على ليبرتي لاسيما الحصار الطبي ووضع المخيم تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما ألفت انتباه المجتمع الدولي الى حقيقة أنه وخلافاً لدعايات الملالي فان التغيير في ايران في متناول اليد. ليس على يد القوى الخارجية والتدخل العسكري الخارجي وانما على أيدي أبناء الشعب الايراني ومقاومتهم. وهذا هو صلب المعادلة الايرانية الذي عجز الغرب عن ادراكه.
يعيش نظام الملالي اليوم أزمة عميقة داخليا. أبناء الشعب الايراني لايريدون نظام ولاية الفقيه المطلق. انهم يريدون الحرية والديمقراطية. انهم يريدون الوصول الى الانترنت بحرية. انهم يريدون المساواة بين الرجل والمرأة. انهم يريدون الرفاه ويريدون تغيير هذا النظام.
النظام يعيش أزمة اقتصادية عميقة. الفساد نخر جسد النظام. جيش الجياع بلغ 12 مليونا. ايران هي واحدة من أكثر دول العالم تضخماً وبلغت نسبة البطالة فيها مالايقل عن 40 بالمئة. رغم هذه الأزمات فان روحاني قد زاد في موازنة العام المقبل تمويل قوات الحرس بنسبة 50 بالمئة.
ان المدعين بـ «الاعتدال والوسطية» داخل النظام من أمثال روحاني أو خاتمي ورغم أي تعارض يكون لديهم مع الجناح الغالب الا أنهم متفقون مع سائر الزمر الحاكمة في النظام على الحدود الحمراء الكفيلة ببقاء النظام وكذلك على دستور النظام بناء على السلطة المطلقة للخليفة والولي الفقيه وعلى شخص الخميني والفتاوى الصادرة عنه لتصدير الارهاب ومجزرة السجناء السياسيين في عام 1988 وانهم شركاء في ارتكاب هذه الجرائم. انهم وخلافاً لما يصوره ويزعمه المساومون الغربيون فليسوا قوة التغيير والتحويل وانما هم يعملون في خدمة حفظ نظام ولاية الفقيه وأن أي مقارنة بينهم وبين المعارضين داخل أي ديكتاتوريات أخرى تشكل خطأ على الاطلاق.
لإحداث التغيير في ايران اننا لسنا بحاجة الى التدخل الخارجي. ولكننا نناشد الحكومات لإعادة النظر في سياساتهم تجاه ايران. لا تغضوا طرفكم عن دور حقوق الانسان في ايران. ولا تساعدوا النظام ولا تضفوا الشرعية له بحجة العلاقات الديبلوماسية والتجارية معه. قفوا بجانب أبناء الشعب الايراني في طلبهم لحقوق الانسان والديمقراطية وسيادة القانون واحترموا ارادة الشعب والمقاومة الايرانية من أجل تغيير هذا النظام.
ان ائتلاف المجلس الوطني للمقاومة الايرانية وبتركيبته الحالية خاصة بوجود منظمة مجاهدي خلق الايرانية التي تبلغ اسلاما متسامحا وديمقراطيا فهو يشكل النقيض للتطرف الاسلامي. هذا الائتلاف هو البديل السياسي لهذا النظام المستبد الذي يحكم ايران وهو البديل الفكري للتطرف الاسلامي.
اننا ملتزمون باحترام البيان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيره من الاتفاقيات الدولية المعنية. اننا مبلغون للتسامح بين الأديان والمذاهب. اننا نؤمن بفصل الدين عن الدولة والمساواة بين الرجل والمرأة وايران غير نووية.
أشكركم جميعاً.

تابعونا

مريم رجوي

President-elect of the National Council of Resistance of Iran

رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفترة انتقال السلطة إلى الشعب الإيراني

المزید