المعارضة الإيرانية بالخارج تحشد دوليا لإسقاط النظام

رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تقدم خارطة طريق تشمل تشكيل حكومة مؤقتة، وإجراء انتخابات خلال ستة أشهر، وتأسيس جمعية لصياغة دستور جديد.
روما – تُوج المؤتمر العالمي الثالث لـ”إيران الحرة” الذي احتضنته روما الثلاثاء وشارك فيه زعماء من مختلف الدول وأعضاء برلمانات ونشطاء ومعارضون إيرانيون في الخارج بدعوة موحّدة لتغيير النظام وإقامة جمهورية ديمقراطية.
ووصف الوزير الإيطالي الأسبق للشؤون الخارجية جوليو تيرزي في افتتاح المؤتمر النظام الإيراني بأنه “إرهابي”، مؤكدا أنه “يستخدم الإعدامات كوسيلة قمع”، داعيا إلى “وضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب فوراً”.
وشدد تيرزي على أن “الشعب الإيراني يعاني تحت هذا النظام العبء غير المقبول واللاإنساني المتمثل في القوانين الدينية التي فرضها الملالي والتي تستند إلى عقيدة الموت والعنف في قمع الأنشطة السياسية والاجتماعية، مع استخدام قوات مثل حرس النظام الإيراني وشرطة الأخلاق للتعذيب والاضطهاد”.
وأشار إلى مذبحة عام 1988، واصفًا إياها بأنها “فصل مظلم” في تاريخ إيران والإنسانية، قائلا إن “النظام أعدم بوحشية ما لا يقل عن 30 ألفًا من أعضاء منظمة مجاهدي خلق خلال شهر واحد”، معتبرا أن “هذا الحدث من أكبر جرائم الإعدام الجماعية التي تخلو من المحاسبة القضائية حتى اليوم”، مطالبًا بتحقيق العدالة وحسم ملف هذه الجريمة.
وسلط الضوء على تصاعد الإعدامات خلال الأعوام الأخيرة، موضحًا أن عدد الإعدامات بلغ حوالي 975 إعدامًا في عام 2024، ونحو 600 في النصف الأول من عام 2025 فقط. واستنكر تيرزي إعدام المجاهدين بهروز إحساني ومهدي حسني، مؤكدًا أن تنفيذ هذه العقوبات تم وسط مطالبات دولية لإيقافها، لكنه وصف النظام بأنه تجاهل المجتمع الدولي وأصر على تنفيذ الإعدامات دون مراعاة أي ضغوط.
ودعا إلى عزل النظام الإيراني بالكامل واعتبار الجمهورية الإسلامية دولة منبوذة، على أن يتم تصنيف قوات الحرس الثوري كمنظمة إرهابية على غرار ما طالبت به إيطاليا لأكثر من 30 عامًا.
وذكر تيرزي أن النظام نشر الإرهاب في أنحاء العالم، مستذكرًا الهجوم الإرهابي على نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق أليخو فيدال-كوادروس، ومحاولة تفجير مؤتمر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس عام 2018، التي تورط فيها الدبلوماسي الإرهابي أسدالله أسدي، ما يعكس حجم التهديد الذي يمثله النظام دوليًا.
كما لفت تيرزي إلى استمرار ارتباط النظام ببرنامجه النووي المحظور، مشيدًا بدور المقاومة الإيرانية بقيادة مريم رجوي في الكشف عن هذا الأمر في مواقع حساسة مثل فوردو ونطنز وأصفهان.
واختتم كلمته بالدعوة إلى تحرك قوي من الدول الغربية والمؤسسات الأوروبية، بعدم الاكتفاء بالتنديد، بل بتنفيذ إجراءات سياسية واقتصادية وأمنية صارمة ضد النظام الإيراني، معتبراً ذلك “واجبًا أخلاقياً فوق كونه سياسيًا”.
وأكد أن فعاليات المؤتمر تمثل دعمًا واضحًا لإرادة الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة للتغيير الديمقراطي الحر، بعيدًا عن الحرب والتسوية غير المجدية.
وشارك في المؤتمر عدة شخصيات بارزة من بينها تشارلز ميشيل، الرئيس الأسبق لمجلس الاتحاد الأوروبي، ماتيو رينزي، رئيس وزراء إيطاليا الأسبق، ميشيل أليوماري، وزيرة فرنسا للشؤون الخارجية والدفاع والداخلية والعدل السابقة وجيمس كليغلا رلي ووزير الخارجية والداخلية البريطاني الأسبق رودي جولياني وعمدة نيويورك الأسبق وإنغريد بيتانكور بالإضافة إلى أعضاء من البرلمان والمجلس الإيطالي، وممثلي الجاليات الإيرانية في إيطاليا.
بدورها قالت مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية “اليوم، تقف بلادنا على أعتاب تحول عميق”، لافتة إلى أن “هذا التغيير يُشكّله الشعب الإيراني ومقاومته”، مؤكدة أن “المعارضة على امتداد البلاد، قدمت أكبر التضحيات، بما في ذلك مئة ألف شهيد”، داعية إلى وضع “خارطة طريق واضحة ورؤية، تمهد لبزوغ فجر الجمهورية الديمقراطية في إيران”.
وأكدت أن “مقاومة الشعب الإيراني ليست ردة فعل على الطغيان فحسب، بل قوة فاعلة من أجل التجديد الديمقراطي”، مضيفة “هذه الحركة تعرضت للسقوط مراراً، لكنها مثل طائر الفينيق، دائماً تنهض من رمادها”.
كما أدانت نظام الشاه السابق والنظام الديني الحالي، قائلة “الآن، وبعد عقود من المعاناة الكبيرة التي تحملها الشعب الإيراني من إعدامات ومجازر، وحتى جرائم إبادة جماعية استغل بقايا هذا النظام الفرصة”.
وتابعت “مع اقتراب نهاية الديكتاتورية الدينية، يمكن تمرير عباءة الاستبداد مرة أخرى إلى الملكية..لهذا يبحث ابن الشاه بيأس عن الحرس الثوري للنظام”.
وأردفت “نحن أمام مفارقة تاريخية: من الشاه إلى الملالي، والآن من الملالي إلى الشاه لكن الواقع أن مسيرة الزمن لا تسمح بالعودة إلى الأمس.. لا أحد يعود إلى الأمس. ولهذا الغد لنا، ونحن لأجل الغد”.
وأوضحت أن “المجلس منذ المرحلة الأولى لكتابة الدستور طلب إقامة جمهورية جديدة ليست عودة لأنظمة الشاه أو الملالي، ولا إصلاحات تجميلية أو تغيير أسماء تحت أي غطاء”، مشيرة إلى أنه “حدّد بوضوح الفارق بين نفسه وبين كل من الشاه والملالي اللذين كانا بعيدين كل البعد عن الديمقراطية، وتجربتهما مرّت على الشعب الإيراني خلال قرن”.
وقدمت رجوي خطّة المجلس للانتقال السلمي إلى الديمقراطية، والتي تشمل تشكيل حكومة مؤقتة، وإجراء انتخابات خلال ستة أشهر، وتأسيس جمعية لصياغة دستور جديد، مشددة على ضرورة “الالتزام بحكم مدني علماني، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات العرقية، وعلاقات سلمية مع الدول المجاورة.
وقالت “لم نطلب أبداً سلاحاً أو دعماً مالياً من أي جهة”، لافتة إلى أن المعارضة تطالب المجتمع الدولي بأن يعترف بحق الشعب الإيراني في مقاومة الديكتاتورية.
واقترحت تشكيل جبهة التضامن الوطني، التي ترتكز على ثلاثة مبادئ أساسية وهي توحيد القوى الملتزمة بإقامة جمهورية ديمقراطية مستقلة ورفض قاطع للنظام الديني، وحكم ولاية الفقيه، وجميع الفصائل المرتبطة به وترسيخ مبدأ فصل الدين عن الدولة.
وقالت إنه “في إطار هذه الجبهة الوطنية، يُمْكِن ويجب أن نتحد رغم كل الاختلافات باسم إيران، من أجل مصالح الشعب الإيراني العليا، وتحت علم إيران الموحد”.
بدوره قال تشارلز ميشيل إن “روح المقاومة في إيران من الشوارع إلى القرى، إلى كافة أنحاء العالم أقوى وأعلى من أي وقت مضى”، مضيفا “الصمت فقط يُجرّئ المجرمين، لكنكم ما زلتم ترفعون أصواتكم لأنكم لن تستسلموا”.
وقال مخاطبا المعارضة إن “النظام الديني يخافكم، لأنه يعرف أنكم منظمون وموثوقون وتمثلون المستقبل لا يمكن أن نُخوَّف، ولا ندفع فدية. ليس هذا تدخلاً أجنبي، بل دعم لحق الشعب الإيراني في تقرير مصيره”.
وأضاف “نساء إيران هن قوة التغيير، وأحترم قيادتكن وصمودكن ونزاهتكن وكذلك مريم رجوي“، معتبرا أن “خطة العشرة نقاط ترسم طريقاً واضحاً من الديكتاتورية إلى الديمقراطية من أجل المساواة والعدالة وإيران بلا نووي وسلام مع الجيران”.
كما أكدت ميشيل أليوماري أن “الشعب الإيراني وحده من يقرر مستقبله، ويستطيع بناء حكومة يثق بها عبر انتخابات حرة”، فيما شدد عدد من البرلمانيين الأوروبيين والأميركيين على ضرورة تصنيف الحرس الثوري منظماة إرهابية ودعم خطة مقاومة الشعب الإيراني لخيار التغيير والرفض القاطع للاسترضاء والمساومة.
كما تضمنت القمة عرض فيديوهات لوحدات المقاومة داخل إيران، أكّدت فيها استمرار العمل حتى إسقاط النظام واستعادة الحرية للشعب الإيراني.
- الوسوم:الإعدام, الشعب الإيراني, المقاومة الإيرانية, مریم رجوي