مريم رجوي في البرلمان الإيطالي

الحل الثالث: التغيير على يد الشعب والمقاومة الإيرانية
السادة النواب وأعضاء مجلس الشيوخ المحترمين،
أشكركم على عقد هذا الاجتماع واهتمامكم بالأوضاع الاستثنائية التي تمرّ بها إيران.
قبل أربعة أيام، وفي فجر یوم الأحد 27 یولیو، ارتكب نظام الاستبداد الديني جريمة وحشية بإعدامه اثنين من مجاهدي خلق، بهروز إحساني ومهدي حسني؛ جريمة سفك دماء أبناء إيران بتهمة التطلّع إلى الحرية، جريمة انتهاك أبسط مبادئ المحاكمة العادلة، جريمة التعذيب والترويع والتهديد التي تعرّض لها الشهيدان منذ ثلاث سنوات.
الجلادون وضعوهما مرارًا أمام خيارَين: إما الندم والنجاة، أو الإعدام والموت شنقًا إذا أصرّا على موقفهما في الدفاع عن حرية الشعب الإيراني ومن أجل إيران حرّة. لكن خيارهما كان نفس الخيار الذي اتخذه 30 ألف سجين سياسي تمّت تصفيتهم في مجزرة عام 1988 .
فقد قال بهروز إحساني بشجاعة:
«لن أساوم أحدًا على حياتي، وأنا مستعد لأن أقدّم حياتي فداءً لطريق تحرير شعب إيران».
وقال مهدي حسني:
«أنا من أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ذات التاريخ المشرف، وأُعلن بكل فخر أنني أهب حياتي فداءً لحرية الوطن والشعب الإيراني النبيل».
نعم، هذا النظام الذي ينحدر نحو السقوط، إنما يعبّر من خلال هذه الإعدامات عن خوفه من التوجّه المتزايد للشباب نحو مجاهدي خلق.
وقد أعلنت السلطة القضائية للنظام أن تهمة هذين البطلين هي «التجمّع والتواطؤ ضد أمن النظام»، لكنّ التجمّع والتحرّك لزعزعة أمن نظام ولاية الفقيه، والانتفاض لإسقاطه، هو ما يستعدّ له عموم الشعب الإيراني.
نعم، إن كان هذا جُرمًا، فكلّ إيراني حرّ يفتخر به.
الروح السائدة بين أبناء الشعب الإيراني هي روح الانتفاض والتمرد. حتى السجون تحوّلت إلى مراكز للمقاومة. وردّ النظام لمنع الانتفاضة القادمة يتمثّل في موجة اعتقالات واسعة، وزيادة الضغط على السجناء السياسيين، وإصدار أحكام الإعدام بحق المعارضين، وخاصة مجاهدي خلق.
السؤال الكبير هو: في هذا الصراع المصيري بين شعب إيران ونظام الملالي، أين تريد أن تقف الأسرة الدولية؟
وأتحدث باسم حركة مقاومة كانت أول من كشف في آب/أغسطس 2002 عن منشآت الملالي والحرس السرّية لصنع القنبلة الذرية، وبصفتنا مقاومة فضحت، منذ أكثر من 43 عامًا، مشروع تصدير التطرف والرجعية باسم الإسلام من قبل الملالي، وخططهم لتصدير “ثورتهم” إلى دول الشرق الأوسط والوصول إلى البحر المتوسط.
في الوثائق التي كشفنا عنها، ظهر بوضوح أن خطة نظام الملالي كانت التوجّه نحو القدس بعد احتلال العراق عبر سوريا، وكذلك بعد كربلاء التوجه إلى مكة في المملكة العربية السعودية.
نعم، لقد حذّرت مقاومتنا منذ سنوات من أن سياسة الاسترضاء، والصمت، والتقاعس من قبل الحكومات تمنح هذا النظام اليد الطولى لارتكاب المزيد من الفظائع المعادية للإنسانية. لذلك يجب التحرّك العاجل لإنقاذ أرواح السجناء السياسيين.
الاسترضاء مع هذا النظام، والصمت، وغياب أي تحرك، وعدم الاعتراف بمقاومة شعبنا العادلة، كلّها تفتح الطريق أمام الحروب وجرائم هذا النظام في بلدان المنطقة، والإرهاب على مستوى العالم. هذه هي ذات الخطيئة المتكررة منذ أربعة عقود، والتي تنتهي، في نهاية المطاف، بمواجهة مكلفة مع هذا النظام.
وتتفاقم هذه الخطيئة عندما نتذكّر أن موقع إيران اليوم يُعدّ أحد أخطر التحدّيات في العالم المعاصر. فالنظام برمّته تاريخيا يقف على حافة الهاوية، ولحظة مصيرية تلوح في الأفق قادرة على تغيير وجه إيران والمنطقة برمّتها.
أيها النواب المحترمون،
لقد جئت اليوم إلى بيت الديمقراطية الإيطالية لأقدّم خارطة طريق شاملة، خارطة طريق تستند إلى طاقات المجتمع الإيراني المنتفض وقدراته، وتسير نحو التغيير الكبير لإسقاط الاستبداد الديني.
إن الوصول إلى هذا الهدف يقوم على الحل الثالث، وهو لا الحرب الخارجية، ولا الديكتاتورية الدينية ومهادنتها، بل تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية المنظمة.
الحل الثالث هو الجواب على المأزق القائم حاليًا في المسألة الإيرانية
أيها الحضور الكرام،
إن خيار المهادنة أو الحرب الخارجية ما هو إلا نتيجة إقصاء الشعب الإيراني عن معادلة مصيره.
أما الشعب الإيراني، فقد فتح طريق النصر وسط الدماء والمعاناة، وهذا الطريق هو الحل الثالث.
نُكرّر ونؤكد:
الشعب الإيراني ومقاومته لا يطلبان مالًا ولا سلاحًا لإسقاط هذا النظام، بل يطلبان شيئًا واحدًا فقط: أن لا يقف أحد إلى جانب هذا النظام.
لقد أثبتت التطورات الأخيرة الكبرى صحة وأصالة هذا الحل الثالث، ويمكن اختصار ذلك بالقول:
1.الحل الثالث هو الرد على المأزق العالمي في مواجهة الاستبداد الديني في هذا العصر.
إن قطع يد هذا النظام عن القنبلة النووية وإنهاء مشروعه الحربي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إسقاطه على يد الشعب والمقاومة الإيرانية. وأي طريق آخر لن يجلب إلا العار والحرب للمجتمع الدولي.
إن قضية إيران بكل أبعادها تتجاوز بكثير البرنامج النووي لهذا النظام، فالقضية الحقيقية هي حرب الشعب الإيراني ومقاومته ضد الاستبداد الديني.
2. الحلّ الثالث يستند إلى الانتفاضة والمقاومة المنظّمة لأبناء الشعب الإيراني من خلال وحدات المقاومة وجيش التحرير العظيم، وهو الردّ الحاسم على قوة الشر المتمثلة بالحرس.
3. الحلّ الثالث هو خلاصة دماء ومعاناة نضال الشعب الإيراني منذ الثورة الدستورية وحتى اليوم، في مواجهة دكتاتوريتين: نظاما الشاه والملالي، كانا دومًا متحالفين بشكلٍ شيطاني ضد مصالح الشعب الإيراني.
هذا الحلّ يقلب الصفحة السوداء للشاه والملالي، ويؤسّس لمجتمعٍ قائم على الحرية والديمقراطية.
4. الحلّ الثالث هو امتداد وتطور للنضال التاريخي للشعب الإيراني من أجل الاستقلال والحرية.
إنه حلّ ذو طبيعة ديمقراطية، ينقل السلطة إلى الشعب الإيراني من خلال مسار ديمقراطي حقيقي، ويضع أساسًا لديمقراطية متقدّمة.
هذا الحلّ، كما يقول قائد المقاومة، هو استمرارٌ للإستراتيجية التاريخية للدكتور مصدق حول “الحياد السلبي”، وأولويته هي في إنماء سيادة الشعب والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الديمقراطية في إيران.
130 كشفًا عن مشروع القنبلة النووية للنظام
أيها الأصدقاء الأعزاء،
يكرّر نظام الملالي يوميًا إصراره على عدم التخلي عن برنامجه النووي.
لكن هذا المشروع المشؤوم لم يجلب لإيران ولشعبها المحروم سوى الكوارث: تبديد أكثر من تريليوني دولار من ثرواتهم، تدمير البنى التحتية للبلاد، حتى بات الشعب اليوم بلا ماء ولا كهرباء ولا غاز، وسُحب إلى مستنقع الحرب.
نعم، خامنئي يريد أن يؤخّر سقوط نظامه الحتمي ولو على حساب خراب البلاد.
ولكن تلك المقاومة ذاتها، التي قامت حتى الآن بأكثر من 130 عملية كشف وفضح لبرنامج النظام النووي، قادرة اليوم، اعتمادًا على انتفاضة الشعب، على قطع يد هذا النظام عن السلاح النووي، وتحرير سيادة الشعب الإيراني من الأسر الذي دام 46 عامًا تحت حكم هذا النظام.
الردّ على ادّعاءين باطلين
رد على ادعاءين باطلين
أيها الأصدقاء الأعزاء،
يحاول هذا النظام، ومعه الأطراف التي تُفضّل بقاءه على قيام إيران ديمقراطية، أن يواجهوا مشروع إسقاطه عبر ادّعاءين باطلين:
1. الادّعاء الأول: أن معارضي النظام لا يملكون القدرة على إسقاطه.
2. الادّعاء الثاني: أن سقوط النظام سيؤدّي إلى الفوضى في إيران.
أما أولئك الذين يُنكرون قدرة الشعب الإيراني ومقاومته، فإنهم يُغفلون عمداً حقيقة وجود حركة نضالية واسعة، تخوض منذ أكثر من أربعة عقود معركةً متواصلة ضد النظام الحاكم،
وترتكز على شبكة منظمة من وحدات المقاومة في مختلف أنحاء البلاد،
والتي لم تتوقّف عن العمل رغم القبضة الحديدية والقمع الوحشي.
إنها حركة حذّر منها الولي الفقيه وكبار مسؤولي النظام مرارًا، بسبب دورها المحوري في قيادة الانتفاضات.
لو لم يكن هذا النظام يواجه مقاومة وطنية شاملة وبديلًا قويًا ومصممًا على إسقاطه، لما كان قد وصل إلى هذه المرحلة من التدهور والضعف، ولما أصبح على حافة السقوط.
أما بخصوص الادّعاء بأن سقوط النظام سيؤدي إلى الفوضى، فأقول:
أولًا، يتمّ الاستناد إلى تجارب دول مثل العراق، بینما تلك التجارب كانت نتيجة تدخّلات وجرائم نظام الملالي نفسه، والتي ساهمت في إشعال الفوضى وتفتيت الاستقرار.
ثانيًا، في إيران توجد مقاومة منظّمة حقيقية، وقد قدّمت أكثر من مائة ألف شهيد من خيرة أبناء الشعب الإيراني في سبيل الحرية.
وهذه الحركة النضالية خلقت روابط عميقة داخل المجتمع الإيراني، بحيث لا تترك مجالًا للفرقة أو الاحتراب، حتى في ذروة الأزمات السياسية.
لقد رأينا في انتفاضات 2009، 2017، 2019، 2022، مستويات عالية من التضامن والتضحية بين أبناء الشعب.
وفي انتفاضة 2022، وقف كل الإيرانيين صفًا واحدًا مطالبين بإسقاط نظام الملالي، ورفعوا شعارات من قبيل:
«من كردستان إلى طهران، ومن زاهدان إلى طهران، دمي فداء لإيران».
وما يزيد من قوة هذا المشروع التحرري هو وجود بديل ديمقراطي يشكّل ضمانة حقيقية لعبور البلاد بهدوء واستقرار بعد سقوط النظام.
هذا البديل هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الذي تتمثل مهمته الرئيسية في نقل السلطة إلى الشعب الإيراني.
كما قلتُ من قبل: هدفنا ليس الاستيلاء على السلطة بأي ثمن، بل ضمان الحرية والديمقراطية والاختيار الحرّ للشعب، بأي ثمن.
• هذا المجلس، كأطول ائتلاف سياسي في تاريخ إيران المعاصر، يمتلك تجربة تمتد لـ44 عامًا، وله مكانة معروفة وموثوقة في المجتمع الإيراني.
• وهو يستند إلى أكثر الحركات تنظيمًا في تاريخ إيران الحديث، أي منظمة مجاهدي خلق، صاحبة الستين عامًا من الكفاح.
• كما يحظى بدعم واسع من الخبراء والمختصين داخل إيران وخارجها، ممّن يُمكنهم لعب دورٍ محوري في مرحلة نقل السلطة وبناء التنمية الديمقراطية في البلاد.
السادة النواب، الأصدقاء الأعزاء،
لقد أعلن أغلب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في إيطاليا، عبر بيانات منفصلة، دعمهم لبرنامج المقاومة الإيرانية ذي البنود العشر.
وهم بذلك، على غرار أكثر من 4000 مشرّع على جانبي الأطلسي، اختاروا الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ.
فلنأمل أن تكون إيطاليا، من خلال وقوفها إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة، واعترافها بحق هذا الشعب في إسقاط النظام، قد دشّنت فصلاً جديدًا من الصداقة التاريخية بين الشعبين الإيطالي والإيراني.
- الوسوم:الإعدام, الحل الثالث, النووي, انتفاضة إيران