الحل الثالث

قبل 21 عامًا، قلتُ في البرلمان إنّ حلّ قضية إيران لا يكمن في الاسترضاء ولا في الحرب، بل في الحل الثالث، أي تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة المنظمة. وقلت يومها:
“سياسة الاسترضاء والمساومة تشجّع نظام الملالي على الاستمرار في سياساته، وفي النهاية تفرض الحرب على الدول الغربية”، وقلت أيضًا:
“فلنمنع تكرار تجربة ميونيخ مع الملالي المسلحين بالقنبلة النووية.”
واليوم نرى أن سياسة الاسترضاء مع هذا النظام قد فرضت الحرب فعلًا.
واليوم أؤكّد من جديد: إنّ السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن المستدام في هذه المنطقة من العالم هو تغيير نظام إيران على يد الشعب والمقاومة الإيرانية.
2. لقد أكدت مقاومتنا منذ البداية أن الأفعى لا تلد حمامة، وأن الدكتاتورية الدينية غير قابلة للإصلاح، وأنها تسعى لتصدير الإرهاب والتطرّف وامتلاك السلاح النووي، ولن تتخلى عن التخصيب النووي. وقد ثبت كلّ ذلك.
3. وقلنا إن المفاوضات والاسترضاء مع هذا النظام لا تؤدي إلى نتيجة، بل تُكسبه الوقت وتمنحه فرصة للاستمرار. وهذا أيضًا أثبتت صحته الوقائع.
4. إنّ مقاومتنا كانت أول من كشف في آب / أغسطس 2002 عن المنشآت النووية السرية للنظام الإيراني. وقد أشار الرئيس الأمريكي في حينه، ونائبه، ووزير الخارجية، ومستشار الأمن القومي مرارًا إلى هذه الحقيقة، مؤكدين أن العالم كان غافلًا عن مشروع النظام لصنع القنبلة النووية، وأنّ مقاومة إيران هي التي أيقظت العالم.
ولولا ذلك، لكان النظام قد صنع القنابل سرًا. وكان السؤال المطروح حينها: ما العمل؟
ومنذ ذلك الوقت كنت أؤكّد على الحل الثالث، أي: لا للاسترضاء ولا للحرب، بل تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة المنظمة والمشروعة والعادلة.
5. وما أقصده من هذا التذكير هو التأكيد على شرعية وأصالة الحل الثالث. لقد قلنا يومها إننا لا نطلب لا مالًا ولا سلاحًا، بل أردنا ونريد فقط – كما فعلتم أنتم الأوروبيون ضد الفاشية – أن يُعترف بحق مقاومتنا ضد الفاشية الدينية. هذا فقط. لكنّ هذا الحق حُرِم منه شعبنا ومقاومتنا حتى اليوم.
كلمة في البرلمان الأوروبي – ستراسبورغ
18 حزيران / يونيو 2025

لماذا الحل الثالث؟

الاستبداد الديني الحاكم في إيران قد جاوز داخل إيران حدًا جديدًا في انتهاك حقوق الانسان من جهة، ومن جهة أخرى… تحول إلى أكبر تحد للمجتمع الدولي.
إن الرد على هذا التحدي، ليس ضروريا لأبناء شعبنا فقط وانما للسلام والهدوء في العالم. …
لحل أزمة إيران يتم الحديث عادة عن خيارين: المساومة مع نظام الملالي بهدف الاحتواء أو التغيير التدريجي وهذا ما انتهجته الدول الغربية على مدى العقدين الماضيين والخيار الثاني هو إسقاط الملالي عبر حرب خارجية مثلما حصل في العراق ولا أحد يريد تكراره في إيران.
ملالي طهران واولئك الذين لهم مصالح في الوضع الراهن يرفضون القول القائل بأن أي تغيير جدي يتطلب حربًا خارجية ويؤكدون أنه لا حل سوى المساومة.
ولكننا نقول إن هناك حلًا ثالثًا: تغيير على يد الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية.

وإذا ازيلت العقبات الخارجية، فان الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية قادران ومستعدان للتغيير وهذا هو الطريق الوحيد للحيلولة دون وقوع حرب خارجية. منح تنازلات للملالي ليس بديلا للحرب الخارجية ولا يجعلهم يصرفون النظر عن أهدافهم الخبيثة. لنتذكر أن بعد يوم من اتفاقية ميونيخ عام 1938 قال وينستون تشرشل أمام البرلمان البريطاني: «انكم قد اخترتم بين الحرب والاستسلام المذل، العار والاستسلام ولكن الحرب تفرض نفسها عليكم لاحقا». تعالوا لنمنع تكرار تجربة ميونيخ مع الملالي المسلحين بالقنبلة النووية. …

الديمقراطية هو الرد على التطرف

نظام ولاية الفقيه القروسطي لا يتحمل الاعتدال. مبدأ ولاية الفقيه، هو الأصل الرئيسي في دستور النظام. هذا المبدأ لا يتغير حتى بالاستفتاء. انه أساس كافة القوانين وسلوكيات هذا النظام. هذا المبدأ يضع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والقوات المسلحة كلها تحت سلطة الولي الفقيه. ولا قيمة لأصوات المواطنين عند الولي الفقيه ولو بمقدار شروى نقير. ان المهازل الانتخابية ليست سوى آلة لتعزيز سلطة الولي الفقيه. مقارعة النساء هي ذاتية هذا النظام وهي تمثل آلية لإخضاع كل المجتمع. الفاشية الدينية بحاجة إلى تصدير التطرف لبقائها. …
إني أكرر تحذيري: ان السياسات الأوروبية مثل الحوار النقدي والتعامل البناء وحوار حقوق الانسان لا تغير شيئا في هذا النظام. المساومة ليست طريق احتواء هذا النظام كما ليست طريق تغيير النظام ولا طريق تجنب الحرب.
بل ان مهادنة التطرف تنتهي فقط إلى نموه. معالجة التطرف تكمن في الديمقراطية.

لسنا مجبورين على الاختيار بين المساومة والحرب. ان معادلة «إما الحرب والتدخل العسكري وإما المساومة» ليست إلا خدعة سياسية. الحل الثالث في متناول اليد. الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة مؤهلون بالقدرات والطاقات لإحداث التغيير. إيران لها حضارة عريقة وثقافية غنية. إيران مهد الحضارة الاسلامية. إيران جربت في القرن العشرين ثلاث ثورات وانتفاضات كبيرة. لذلك هناك خدعة كبيرة أخرى وهي كأن هذا المجتمع يخضع لهذا النظام العائد إلى القرون الوسطى. … رغم القمع الوحشي تكررت الانتفاضات والحركات على التوالي. … استمرار الحراك الشعبي يبين إرادة الشعب للتغيير وإسقاط النظام.

إن المقاومة المنظمة وبتقديمها 120 ألف شهيد وأكثر من نصف مليون سجين سياسي …، تعكس عمق رد فعل المجتمع وأصالته وصموده بوجه هذا النظام. إن هذه المقاومة وبتقديمها بديلًا تعددًيا، وهي محظوظة بامتداد شعبي وجيش التحرير الوطني، مؤهلة بالقدرة والطاقة للتغيير. هذه المقاومة قد مثلت في أصعب الظروف الداخلية والإقليمية حركة الشعب من أجل الديمقراطية.
إن القمع الوحشي يبين من الناحية السياسية خوف الملالي من خطر السقوط على يد الشعب والمقاومة. لماذا يطلب الملالي في كل تعاملاتهم وتعاطيهم مع سائر الدول فرض الضغط على المقاومة ؟ … ألا يدل كل هذا على حقيقة الحل الثالث وخوف النظام الشديد من المقاومة المنظمة.

maryam-rajavi-thirdoption

هذه المقاومة المنظمة قد ولدت من رحم المجتمع. منظمة مجاهدي خلق الإيرانية تمثل العمود الفقري لهذه المقاومة. …شبكة مجاهدي خلق الواسعة في أرجاء إيران إضافة إلى تنظيم وتوجيه الاحتجاجات الشعبية وتزويد حركة المقاومة بالمال والمعلومات الاستخبارية هي تكشف عن المشاريع النووية والصاروخية والإرهابية لهذا النظام بالاعتماد على قاعدتها الشعبية.

منظمة مجاهدي خلق وبقراءة ديمقراطية ومتسامحة للإسلام، تمثل الطرف النقيض للتطرف وهي تفضح التفسير القائم على العنف والمتخلف للمتطرفين وتجعلهم في عزلة. إن رسالة مجاهدي خلق هي أن ملالي إيران لا يمثلون الإسلام بل انهم أعداء الإسلام.
المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية هو برلمان المقاومة وهو ائتلاف من القوى الديمقراطية الداعية إلى جمهورية قائمة على فصل الدين عن الدولة. أكثر من نصف أعضاء المجلس تشكلهم النساء. هذا المجلس وبوجود أقليات دينية وقومية ومختلف الانتمائات السياسية فيه، يمثل غالبية المجتمع الإيراني وهو الضمان لوحدة أراضي إيران بعد سقوط الملالي وانتقال السلطة بهدوء.

اننا دعونا مرات عديدة إلى إجراء انتخابات حرة تحت إشراف الأمم المتحدة. الأمر الذي لا يقبله الملالي إطلاقا. الديمقراطية بالنسبة لنا ليست برنامجًا سياسيًا فحسب، بل هي قضية ضحى من أجلها 120 ألف من أعضاء هذه المقاومة العظيمة منهم 6 أفراد من عائلتي. المجلس الوطني يتعهد أن يرتب الأمور لانتخابات حرة للمجلس التأسيسي في مدة أقصاها 6 أشهر بعد سقوط النظام وأن يحيل زمام الأمور إلى منتخبي الشعب لكي يضعوا البلسم على جراح المجتمع الغائرة الناجمة عن 80 عاما من الديكتاتورية.

نحن ملتزمون بالاتفاقيات الدولية وحريصون على السلام والتعايش وندعو إلى إيران مسالمة وعارية عن أسلحة الدمار الشامل. إننا نريد أن نعيد إعمار بلدنا المدمر خلال حكم الملالي وذلك بالتعاون مع عموم أبناء شعبنا وخلق الظروف الملائمة لعودة الأدمغة والثروات الانسانية الهاربة من إيران وبالصداقة مع دول العالم المختلفة.
إننا لا نريد من الغرب لا مالًا ولا سلاحًا. إننا نريد منهم أن يكونوا على حياد بين الشعب الإيراني والمقاومة من جهة وبين النظام الحاكم في إيران من جهة أخرى ولا ينكرون حق المقاومة.
(كلمة مريم رجوي في البرلمان الاوربي 15كانون الأول/ ديسمبر 2004)

تابعونا

مريم رجوي

President-elect of the National Council of Resistance of Iran

رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لفترة انتقال السلطة إلى الشعب الإيراني

المزید